بضاعة إيران ترجع إليها

منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران وهي لم تألُ جهدا في تصدير مبادئ تلك الثورة إلى دول المنطقة، فهي تسبب صداعا مزمنا وعوارا لا ينتهي لتلك الدول التي كان آخرها اليمن عن طريق الأفكار الإيرانية التي تبناها الحوثيون فعملوا على إثارة القلائل داخل اليمن وخارجه بعد أن وصل إزعاجهم الى المملكة العربية السعودية، ولم يكن التدخل الإيراني في الدول العربية تدخل فكريا وحسب بل هو أيضا تدخل مخابراتي مثلما هو الحال في لبنان عن طريق ذراعها الأيمن حسن نصرالله، والذي بدوره، واقتداءً بالمصدر حاول نقل هذه القلاقل إلى مصر، غير مكتفٍ بالمشكلات التي تعانيها لبنان بسبب إصراره على أن يكون دولة داخل الدولة..
كما أنه غير خاف على أحد الدور الذي تلعبه إيران في دول الخليج.. ابحث عن كل نزاع داخلي بين السنة والشيعة في السعودية والكويت البحرين وغيرهم من الدول؛ تجد إيران هي المغذية والداعمة له، إما عن طريق التأييد المباشر بضخ الأموال في وسائل إعلامية ودعائية هدفها هو التعمية والتغطية وخلط المفاهيم أو غير المباشر وذلك باستقطاب كبار القادة السياسيين في هذه الدول وإبرام المعاهدات والاتفاقيات معهم.. كما أن الساسة الإيرانيين يجيدون اللعب على عواطف ومشاعر الشارع العربي الذي قد يعجب بتلك الخطب الثورية الجوفاء المملوءة بالإصرار المستميت على إكمال المشروع النووي رغم تحذيرات المجتمع الدولي، وطبعا هو خطاب ليس تصاعديا أو على نمط واحد مستقيم دائما، إنما هو يتلون ويتغير وفقا لأسس المرواغة الإيرانية التي أتقنها القادة والساسة الإيرانيون بعد مرور أكثر من ثلاثين عاما على الثورة، فتارة تلك الطاقة النووية هي للاستعمال السلمي وتارة أخرى يبشروننا بأنهم قاب قوسين أو أدنى من صنع أسلحة نووية، ورغم أن البعض يرى أن السياسة هي فن المرواغة، إلا ان تلك المراوغة تصبح حماقة إذا عادت بالبلاء على البلد وعلى جيرانه.. وهي ما تجرّنا إيران إليه.. فالمجتمع الدولي لن يسمح لدول مثل إيران أو كوريا الشمالية بامتلاك أسلحة نووية.
إيران تعاني هذه الأيام من مشكلات كبيرة تضع علامات استفهام حول الحرية والديمقراطية التي كانت تزعم الثورة الإيرانية أنها تحملها.. وكان الأجدر بقادة إيران الالتفات الى تلك المشاكل الداخلية ومحاولة حلها حلا سلمية بدلا من الاعتقالات والإعدام العشوائي للمعارضين والمتظاهرين وإلقاء تهم العمالة جزافا على العديد من أبناء الثورة معطية صورة سلبية وسوداوية عن البلاد وكأن الثورة تأكل أبناءها..
إيران ما فتئت تتهتم الدول الغربية بالتدخل السافر في شأنها الداخلي، وأن اميركا ودول أوروبا هم السبب في كل تلك المظاهرات والاضطرابات التي تعاني من البلاد..
هو اتهام لم تستطع إيران حتى الآن أن تثبته بالأدلة الدامغة.. ولا نستطيع أن ننفيه.. ولكن نعلق عليه بأن التدخل الخارجي في الشأن الداخلي هو بضاعة إيران التي كانت تصدرها إلى دول المنطقة، لكن يبدو أن تلك البضاعة ترجع إليها.. ولكن من طريق آخر.

Comments

Popular posts from this blog

Douglas Adams

Are Egyptian in Gulf area happy about what happened in Egypt?