التفكير قبل التكفير

تزداد هذه الأيام حمى المسارعة بالتكفير والتبديع والتفسيق، لكل من يتوجه بخطاب عقلاني أو ينتقد تصرفا خاطئا لجماعات واشخاص ظنوا أن الإسلام انحصر فيهم وفيمن يشايعهم، وأن تهمة الكفر والزندقة جاهزة للالتصاق بكل مخالف لهم في الرأي، أو حتى كل من يرى في غير المسلمين بعض النقاط الإيجابية التي تستحق الإشادة والمدح، على اعتبار أن كل من يدين بغير الإسلام، حتى وإن لم يسمع به، فإن مصيره إلى جهنم وبئس المصير..

كتبتُ مقالا بعنوان "أوباما المفترى عليه"، توسّمت فيه أن تكون فترة حكم أوباما بداية عهد جديد أفضل من فترات الرؤساء السابقين، وذكرت بعض النقاط الإيجابية في هذا الرجل.. ثم فوجئت بكم النقد الموجه للمقال، إذ كيف أمدح رئيس الولايات المتحدة الذي يدين بغير دين المسلمين!! وقد بالغت بعض الردود في نقد المقال إلى حد إخراج كاتبه من ملة الإسلام.. ففضّلت أن يكون الرد عليهم، منقولا عن الإمام الجليل أبو حامد الغزالي، - حيث إن هؤلاء من "عشاق النقل وإلغاء العقل" - فقد قسّم الغزاليّ، النّاس في شأن دعوة محمّد صلي الله عليه وسلم إلى ثلاثة أقسام:

الأوّل: من لم يعلموا بها بالمرّة، فهؤلاء ناجون.

الثّاني: من بلغتهم الدّعوة على وجهها، ولم ينظروا في أدلّتها استكباراً أو إهمالاً أو عناداً، وهؤلاء مؤاخذون.

الثّالث: من بلغتهم الدّعوة على غير وجهها، كمن بلغهم اسم محمّد صلي الله عليه وسلم، ولم يبلغهم نعته وصفته، بل سمعوا منذ الصّبا باسمه من أعدائه الذين يتهمونه بالتّدليس والكذب وادّعاء النبوّة، وهؤلاء حالهم كحال القسم الأوّل.

بالإضافة إلى ما قاله شيخ الأزهر العالم الجليل محمود شلتوت، حين أوضح "أن الشعوب التي لم تبلغها عقيدة الإسلام، أو بُلّغت إليهم بصورة سيئة منفّرة، أو لم يفهموا حُججها وأدلتها، على الرغم من الجهود التي بذلوها في دراستها، هذه الشعوب آمنة من عقاب الكفار في الآخرة، ولا يطلق عليها اسم الكفار".. انتهى كلامه رحمه الله.

Comments

Popular posts from this blog

Douglas Adams

Are Egyptian in Gulf area happy about what happened in Egypt?