وما فائدة الثقافة؟!

وما فائدة الثقافة إذا لم تعد بالنفع والفائدة على المثقف؟!
سؤال وجهه لي أحد أصدقائي من الشباب، وقد بدت على وجهه علامات التأكد من صحة رأيه، بعدم جدوى الثقافة.. وبدا على وجهي شرود باحث في الأسباب التي باعدت بين الجيل الجديد من الشباب وبين الثقافة.. هل هو ما يرونه من تردي أحوال المثقفين والكتّاب وحملة الفكر، في حين تتاح لغيرهم من فارغي العقول، فرص أكبر في الظهور والارتقاء؛ اجتماعيا وماديا، بل وحتى سياسيا!!

إن المكانة التي تتموضع فيها الثقافة العربية حاليا، تجعل المسافة الموجودة بين المثقف والمجتمع؛ تزداد اتساعا، فبعض المثقفين يلجأ إلى العزلة عن المجتمع كنوع من الترفع عن مخالطة من يظن أنهم أقل منه فكرا وحكمة، كما يلجأ آخرون إلى الانعزال بسبب ما يحسبونه ظلما واقعا عليهم، فلا يوجد تقدير لإمكاناتهم أو لأفكارهم التي ليس مقدرا لها أن تلامس ارض الواقع، فتفضل افكارهم العزلة في اذهانهم كما يفضلون هم العزلة عن مجتمعاتهم.

إن ما تعيشه المجتمعات العربية الآن من تفشي مظاهر الجهل والتي تظهر أبسط علاماته في صورة السخرية من كل ما يرمز إلى الثقافة والمثقفين، إنما يرجع سببه إلى عقود من السلبية وعدم الاهتمام بفكر حقيقي، أو إعطاء المثقفين حقهم وقدرهم الذي يستحقونه، أو الاستعانة بهم وبآرائهم في المجالات المختلفة في الحياة، والمؤسف أن هذا التجاهل آخذ في الازدياد المريب الذي يحمل معه سحبا من التخبط ومزيدا من الضبابية والفوضى في اتخاذ القرارات على كافة الأصعدة، ما ينذر بوقوع مجتمعاتنا في حالة من التردي الأخلاقي وغياب الوعي، والمزيد من الازدراء لكلٍ من الفكر وحامله، فنصبح صفحة فارغة يسهل ملؤها بكل فكر مريض من قبل ذوي العقول الخالية فنكون في أيديهم، أداة منفذة، وأحيانا مدمرة، لمجتمعاتها، من دون أن ندري، و... انتبهت فجأة إلى صديقي يكرر سؤاله مرة أخرى: وما فائدة الثقافة...؟!

Comments

Popular posts from this blog

Douglas Adams

Are Egyptian in Gulf area happy about what happened in Egypt?