طالبان وغياب الدور العربي

يسيطر الخوف المتزايد على باكستان والعالم، من تنامي نفوذ طالبان ودعوتهم إلى تطبيق الشريعة الإسلامية، وسبب هذا الخوف يكمن في التاريخ الأسود لطالبان أفغانستان وفي كيفية التعامل مع المعارضين لفكر وآراء الحركة.

إن الصور التي بثتها القنوات الإخبارية في العالم أجمع، وأظهرت فيها حركة طالبان، وهي تقوم بجلد الآخرين بعد وضع وجوههم على الأرض، وضرب النساء على الملأ، لمنعهن من الخروج إلى الأسواق، وجعل التعليم والوظائف محظورة عليهن، لهي خير دعاية للمتربصين بالدين الإسلامي، والمتحدثين عن مظاهر الوحشية فيه، وأعتقد أن الصورة أبلغ من أي حديث يقال، فمهما يتحدث الدعاة مكررين أن الإسلام دين الرحمة، فإن كلامهم يصبح سدى أمام ما يشاهده العالم من أفعال ومشاهد تعذيب مؤلمة تحدث في أفغانستان، خاصة أن هذا الفكر بدأ في الانتقال إلى باكستان المجاورة لها، وربما يتبناه بعض العرب المتحمسين دينيا، أي أنه فكر يلاقي قبولا على عدة أصعدة.

فليس ما يدور في أفغانستان شأنا داخليا خاصا بها، والدليل هو ما حدث سابقا من انتقال تلك الأفكار المسمومة بآثارها المدمرة إلى العالم، وهو ما تجسّد فعلا، في عام 2001، عندما قام أفراد منتمون لتنظيم القاعدة تحت مظلة طالبان، -أو أن طالبان هي من يستظل بهم- بضرب مبنيي التجارة في نيويورك، وما تلا ذلك من أحداث مؤسفة، كانت طالبان من ضمن الدافعين ثمنها.

إن انتقال طالبان إلى باكستان هو أمر مرعب فعلا، فباكستان دولة نووية، فماذا لو تعاظم نفوذ طالبان أكثر من ذلك ووقع هذا السلاح تحت أيديها؟!
فحالات التشويه الفردية التي قام بها أفراد من طالبان ضد مواطنين من دولتهم، ستنتهي إلى حالات تخريب دولية ضد الدول المخالفة لها في النهج والخارجة عن طوعها، حتى لو كانت تلك الدول إسلامية، وذلك بحجة تطبيق شرع الله..

الشيء المهم والمُفتقد في التعامل مع قضية طالبان هو ترك هذا الملف برمته في أيدي الغرب، فعلى الرغم من أن أفغانستان دولة إسلامية، إلا انه لا يوجد تعامل إسلامي بارز مع هذا الملف، وأتكلم هنا عن الجانب الفكري والثقافي والديني وليس عن الجانب العسكري، فلماذا لا ترسل الدول الإسلامية قوافل توعوية تعمل على منع انتشار فكر طالبان، على غرار لجان المناصحة، التي أقامتها حكومة المملكة العربية السعودية للتعامل مع المتطرفين، والتي أثبتت فاعليتها في رجوع الكثيرين من حاملي الفكر المتطرف عن أفكارهم..
فهذه الأفكار السامة الموجودة لدى طالبان حتما ستصل إلينا إن تركت دونما اجتثاث، فحبذ ا لو قامت الحكومة السعودية، وغيرها من الحكومات العربية التي تملك خبرة في هذا المجال، وأيضا الأزهر بما يحمله من سمعة حسنة في نفوس المسلمين، حبذا لو قاموا بإرسال الدعاة والعلماء لتغيير وتعديل هذا الفكر القائم على التخريب.. فنحن لم نتعافَ بعد من آثار الفكر المتطرف المنتشر أصلا بين قطاعات عديدة من المؤيدين له، ولسنا على استعداد لاستقبال فكر أشد تطرفا يدعونا إلى العيش وفق الحياة التي كانت سائدة في العصور الوسطى.

Comments

Popular posts from this blog

Douglas Adams

Are Egyptian in Gulf area happy about what happened in Egypt?